بمشاركة أكاديميين وباحثين ومترجمين..جائزة الشيخ حمد تعاين واقع الترجمة بين العربية والصومالية

علاء الدين ظاهر 

نظمت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، ندوة عبر تقنية "زوم"، تناولت واقع الترجمة بين اللغتين العربية والصومالية، شارك فيها عدد من الأكاديميين والباحثين والمترجمين، وذلك بمناسبة اختيار الصومالية ضمن اللغات الخمس لفئة الإنجاز للموسم التاسع من الجائزة.




وقال د.عمر أحمد وهليه، الأستاذ في جامعة أوروبا الإسلامية بمدينة روتردام بهولندا، إن العربية والصومالية كلتَيهما من اللغات الإفروآسيوية، وإن تاريخ الترجمة من العربية إلى الصومالية يمتد إلى أزمان بعيدة.



وأوضح أن الترجمة الحرفية والشفوية سادت في سياق العلاقات التجارية وحركة الدعوة الإسلامية منذ ظهورها، فارتبطت بتعليم الإسلام واللغة العربية، أما الترجمة المكتوبة من العربية وإليها فظهرت بعد كتابة اللغة الصومالية عام 1972.



ورأى وهليه أن الجهود التي بُذلت لتعزيز حركة الترجمة المكتوبة، قليلة نسبياً، لأسباب منها قلة عدد القراء وضعف التمويل اللازم، مشيراً إلى جهود المؤسسات الحكومية في هذا الإطار، كإصدار بعض الوثائق والشهادات التعليمية مترجمةً بالعربية إلى جانب الصومالية، وإصدار مجلات مترجمة إلى العربية بالإضافة إلى النشرات الإخبارية العربية.



بدوره، قال المهندس منــير عبدالله الحاج عبده، الأستاذ في الجامعة الوطنية الصومالية، إن ترجمة الكتب الدينية تحتاج إلى مجموعة من المعارف والمهارات، وإن الجهود الجماعية في هذا المضمار أقرب إلى الجودة إذا ما قورنت بالجهود الفردية في أغلب الحالات.



وتحدث عن ترجمة النصوص الأدبية، مشيراً إلى أنها تتطلب من المترجم أن يتمتع بذوق أدبي وحسّ بلاغي في نقل المعاني.



أما د.عمر محمد ورسمه، الأستاذ في معهد اللغات بالدوحة، فاستعرض مجالات الترجمة بين العربية والصومالية، متخذاً من الآداب والعلوم الإنسانية أنموذجاً. وقال فيها إن الميدان اللغوي في الصومال يشهد ثنائية لغوية متجانسة. وأكد أن هذه الثنائية نشّطت الترجمة في الميدان الثقافي والتعليمي، حيث تترجَم العلوم الإسلامية وعلوم اللغة وغيرها إلى الصومالية في المساجد ومراكز التعليم بشكل يومي.



وأوضح ورسمه أن الترجمة التحريرية نشطت إلى جانب الترجمة الشفوية منذ منتصف القرن الماضي، فظهرت بعض الترجمات للقرآن الكريم، وتُرجمت كذلك بعض مصادر الحديث والعقيدة والرقائق، وظهرت ترجمات أدبية لبعض القصص والروايات وكتب التاريخ ومراجع التنمية البشرية المعاصرة.



من جهته، توقف الشيخ محمد إدريس أحمد، عند العقبات التي تواجه المترجم بين العربية والصومالية. وقال إن الترجمة تتخذ صيغتين؛ شفوية وتحريرية، وكلتاهما قديم قِدمَ اللغتين، فالشعب الصومالي شعب مسلم، لذا كانت العربية وما تزال تحظى في نفسه ومعاملاته وعلاقاته بمكانة دينية وثقافية مرموقة، إذ كانت لغةَ العلم والسياسة والتجارة التي يتعامل بها ويعبّر بها عن نفسه في أيّ موقع كان.



وأضاف أن المترجم الملمّ باللغتين كان يترجم تارةً ترجمة شفوية فورية حرفاً بحرف لتفهيم الطلبة، أو يترجم معاني الرسائل التي تأتي باللغة العربية لأصحابها باللغة الصومالية، وحين يريد الصومالي مراسلة الآخرين ينادي الكاتبَ باللغة العربية فيملي عليه ما يريده باللغة الصومالية المحلية، فيترجمه الكاتب إلى العربية؛ يتلقى الكلام شفوياً ويدونه. أما الترجمة التحريرية من العربية إلى الصومالية فبدأت عام 1972.



واستعرض الشيخ الصعوبات التي تواجه المترجم بين العربية والصومالية، ومن أبرزها: العقبة اللغوية والمصطلحات، وحداثة كتابة اللغة الصومالية، وقلة المتضلعين باللغتين تحدثاً وكتابة.



بدوره، قدم د.يوسف أحمد محمد ورقة بعنوان "تعليمنا بين (لقبا) ولغة الأصل"، أوضح فيها أن موضوع "اللَّقبة" أو اللَّقبَا" مهم لتطوير التعليم، وتقريب العلوم الشرعية واللغوية والمعرفية لطلبة العلم، وضروري لإثراء اللغة الصومالية، وتفعيل اللغة العربية وتحديث وسائلها وتنويع أساليبها.



وأوضح أن الصوماليين ارتضوا بحفظ اللغة العربية بنصِّها في مقرراتهم في الكتاتيب والمدراس والمساجد وحلقات العلم، إذ لم يقبلوا المسّ بالنص العربي، بل يترجمونه عن طريق (لقبا) شفهياً عند تفهيم الطلبة إذا اقتضى الأمر.

وقال إنّ تتبُّع الجذر اللغوي لكلمة "لقبا" يبيّن أنها مأخوذة من "اللقب"، وهو اسم يوضع بعد الاسم الأول للتعريف.



 وكأن الترجمة بواسطة "اللقبة" تعطي الكلمة لقباً تتميز به عن غيرها ويجلي معانيها للطالب. أما اصطلاحاً فتُطلق الكلمة على نوع خاص من ترجمة الكتب الدينية للطلبة عند التعليم، فلا تسمى الترجمة "لقب" إلا إذا كان النص الأصلي باقياً على لغته كالعربية؛ والترجمة لفظية (فورية أو شفهية)، لا كتابية، ومطابقة للكلمة الأصلية معنىً وإعراباً.



واستُهلت الندوة التي نسّق لها د.عبدالرزاق حسين أحمد، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية/ فرع جيبوتي، بمداخلة للمستشارة الإعلامية للجائزة د.حنان الفياض، تناولت فيها دور الجائزة في مد جسور التواصل بين ثقافات العالم، ولفْت النظر لما تقوم به الترجمة من تعزيزٍ لثقافة السلام من خلال التقريب بين الحضارات، ونقل المعارف والعلوم.



وشهدت الندوة التي قدّمت لها د.امتنان الصمادي، مداخلة من المستشار الإعلامي في سفارة جيبوتي بالرياض زكريا حسين، قرأ فيها عدداً من القصائد المكتوبة بإحدى اللغتين (العربية والصومالية) مترجمةً إلى اللغة الأخرى.


تعليقات