#المعرض يُدشن لتبادل فني بين جاليريهات القاهرة ودبي
علاء الدين ظاهر
تستضيف قاعة آزاد في القاهرة في الفترة من 30 مايو وحتى 13 يونيو معرضاً مشتركاً لفنانين من مصر وسوريا وفلسطين تحت عنوان "رحلات عاطفية". يأتي المعرض كثمرة للتعاون بين قاعة آزاد في القاهرة وفن آ بورتيه في دبي لتعزيز التبادل الفني بين المؤسسات الفنية في مصر والإمارات.
ويضم المعرض أعمالاً لأربعة فنانين، وهم حسام بلان ومجد كرديه وعمر نجار ووليد عبيد. يقدم المعرض إحساساً جمالياً مُذهلاً وسرداً يتمثل من خلال اللوحات المُنفذة على القماش والورق والخشب.
في هذا المعرض يتعمق الفنان السوري حسام بلان في أحدث مجموعاته في العقل الباطن، ويطلق العَنان لخياله بعيداً عن أنماط التفكير المنطقي السابقة، فيعيد تفسير الأعمال التي قدمها من قبل، ويعود إليها بنظرة جديدة من خلال عدسة تغمرها المشاعر تماماً. وُلدت هذه المجموعة الجديدة أثناء إقامة بلان الفنية في إحدى المؤسسات الألمانية.
وقد ساهمت في ولادتها الفرقة الموسيقية السورية التي تتخذ من بيروت مقراً لها "طنجرة الضغط". يعيد بلان والفرقة استكشاف المفهوم القديم لترجمة الموسيقى من خلال الفن، وكذا الفن من خلال الموسيقى. فعلى سبيل المثال، كان أحد الألحان هو الذي استوحيت منه لوحة "ثلاثة أطفال يلهون معا".
حيث تصور نفس الشخصيات التي قدمها بلان في لوحتين قديمتين من لوحاته، وتُعرف باسم "أطفال الحرب"، وكأنها كانت تحمل- في مفارقة غريبة- نُذُر الحرب التي ستنشب في سوريا. هنا تجد الأطفال يعودون ولكن في تجريد كامل؛ خطوطهم الآن ما هي إلا نوتات موسيقية تحمل إيقاع الأغنية. توضح العديد من اللوحات الأخرى الإيقاع والتناغم: لون أسود ينطق بالصمت، ولون أصفر يتردد في صداه الصوت.
أما أعمال الفنان السوري مجد كردية فيندمج في إبداعه الرسم والتصوير والأدب، إذ تتردد في أعماله شخوص تقف لتروي قصة، وعادة ما تحمل تعزيزاً أخلاقياً وإيجابياً قوياً يقدمه الفنان للعالم. على مدى السنوات الماضية ابتكر الفنان مجموعة من الشخصيات، أهمهما "الفصاعين" وهي كلمة باللهجة السورية تعني الصغار.
وفي هذه الأعمال يتم سرد القصص من خلال تمثيل هذه الشخصيات؛ بيد أنها ليست قصصاً محددة يشير إليها الفنان، بل هي قصص يمكن أن تنطبق على أي مشاهد، مما يترك مجالاً للتفسير الشخصي. الفصاعين ومفردها ولد فصعون، وبنت فصعونة، الذين لا تفارقهما البسمة أبداً، على الرغم من أن عالمهم مليء بالشدائد.
وعادة ما يكونان مصحوبان بشخصيات أخرى. تتردد رنات مفاهيم البيت والحب والإخلاص والحزن بقوة في كل إبداعاته. إن كرديه بارع في قدرته على التعبير عن واقعنا بضربات ريشته وقوة كلماته.
أما الفنان الفلسطيني عمر نجار فلطالما كان اهتمامه عمر يرتكز على البشر والإنسانية، وتجتمع ضربات فرشاته الجريئة مع استخدامه للرسم الزيتي كوسيط في نمط من الانطباعية المعاصرة، يدور موضوعها عادة في فلك المهام اليومية التي تبدو عادية، ولكنها تكتسب أبعاداً جديدة في عمله.
ويستكشف نجار في لوحات مجموعة "رابسودي" العمل الجماعي لموسيقى الأوركسترا، وتصور كل قطعة من هذه المجموعة الجديدة عازفي الأوركسترا أثناء العرض. كل فرد له دوره، ولكن لكي يلتئم شمل الفرقة وتصدح الموسيقى، لابد أن يسمع بعضهم بعضاً: آلات وعازفين.
ومن خلال التركيز على الجماعي بدلاً من الفردي، يعلق نجار على الحياة، وكيف يعيش المجتمع السليم ويزدهر. ورغم المشهد الساكن الثابت، فإن أسلوب نجار في استخدام ضربات الفرشاة العريضة، والخطوط الغائمة، وأطياف الألوان، ينقل الحركة، والطاقة، وحتى صوت النغمات.
ومن خلال الكشف عن عمليته من خلال علامات غير دقيقة، يبدو الأمر كما لو أن نجار يفتح للمشاهد نوافذ مشاعره تجاه الموسيقى، وتجاه فعل العزف الجماعي في "رابسودي"، وبدلاً من التركيز على الشخوص أو الآلات الموسيقية، يرسم نجار الموسيقى نفسها.
وفي أعمال الفنان المصري وليد عبيد فتمثل لوحاته الاستفزازية طيفًا واسعاً يضم دراسات مثيرة لجسد الأنثى، وكذا شخوص قد نعرفهم في المجتمع المصري. في معالجته للقضايا الصعبة مثل الجنس والهجرة والسياسة والقمع، يلفت وليد الانتباه إلى معاناة الإنسانية والصراعات التي تخوضها وآمالها.
ولقد حطمت لوحاته الزيتية الواقعية قدراً كبيراً من المحرمات الاجتماعية والأخلاقية، وتحدت العادات والتقاليد المختلفة التي فرضها المجتمع، سعياً منه للدفاع عن المرأة والمضطهدين من جميع الفئات والطبقات الاجتماعية. لقد مر عبيد خلال أبحاثه وتجاربه بعدة مراحل للوصول إلى مرحلته الحالية، والتي يسميها "التعبيرية الواقعية".
فأعماله الفنية تشبهه تماماً؛ إذ يعكس فنه الواقع والتغيير الذي يجري من حولنا، ويركز بشكل أساسي على غرائب الأشياء التي سرعان ما قد نفقد الاهتمام بها، ولكنها تطبع فينا أثراً لا ينمحي.
تعليقات
إرسال تعليق