رمضان كريم في حارة الزهومة..تاريخ موائد الرحمن بشارع المعز لدين الله.. صورة رمضانية 4

علاء الدين ظاهر 

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أن عبارة "رمضان كريم" نشأت من كونه الشهر المبارك الذي ينتظره المسلم كل عام .



فهو شهر الرحمة والغفران، أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار وتضئ فى العشر الأواخر من ذا الشهر ليلة خير من ألف شهر كما ذكر الله عنها في كتابة العزيز وهى ليلة القدر كما أنه يتضمن العبادة الوحيدة التى يستشعر المسلم مراقبة المولى عز وجل له.



 حيث يمكن للشخص أن يختبئ ويأكل ويشرب ولكنه موقن تمامًا أنه الله مطلّع عليه ولو أيقن ذلك فى كل أمور حياته لانتهت من العالم كل شرور الدنيا وعم السلام والرخاء



ويضيف الدكتور ريحان بأن هذا الشهر ارتبط فى تاريخ الحضارة الإسلامية بالكرم والعطاء من الخلفاء لشعوبهم وبين الناس أنفسهم فى عدة صور وفى مصر كان هناك باب بشارع المعز لدين الله الفاطمى يطلق عليه "باب الزهومة" .



وهو أحد تسعة أبواب بالسور الذى كان يحيط بالقصر الشرقى الكبير الذى أنشأه جوهر الصقلى قائد جيوش الفاطميين بمصر بأمر مولاه الخليفة المعز لدين الله وأنشأ مدينة القاهرة عام 358 هـ واختط قصرًا لإقامة المعز أطلق عليه اسم القصر الشرقى الكبير وأدار عليه سورًا محيطًا به له تسعة أبواب أحداها يقال له باب الزهومة كما جاء فى دراسة الباحث الآثارى أبو العلا خليل .




ويشير الدكتور ريحان إلى علاقة باب الزهومة بشهر رمضان حيث كان يطلق على هذا الباب أيضًا باب الزفر لأن اللحوم وحوائج الطعام التى كانت تدخل إلى مطبخ القصر من هذا الباب كان يشتمها المارة.



 وكان يخرج من المطبخ المذكور مدة شهر رمضان ألف ومائتا قدر من جميع الألوان فى كل يوم يفرق على أصحاب الحاجات والضعفاء ويشغل موقع هذا الباب حاليًا بشارع المعز لدين الله قاعة الحنابلة بالمدرسة الصالحية التى أنشأها الصالح نجم الدين أيوب



 وينوه الدكتور ريحان إلى أن موائد الرحمن المستمرة حتى اليوم يرجع إلى الولائم التى كان يقيمها الحكام وكبار رجال الدولة والتجار والأعيان فى أيام الفاطميين وهو ما يطلق عليها "سماط الخليفة" وكان القائمون على قصر الخليفة الفاطمى يوفرون راتبًا كبيرًا من السكر والدقيق لصناعة حلوى رمضان الكنافة والقطايف وغيرها.




 وهناك أيضا "دار الفطرة" ومهمتها إعداد الكعك وما شابه لتوزيعه فى ليالى الفطر والعيد وتعد بالقناطير لتوزع على مجموع المصريين فى القاهرة كما كان يحرص الخليفة على إقامة مائدة إفطار رمضان تسمى سماط بحضور رؤساء الدواوين والحاكم والوزراء .



وكانت فى هذا الوقت القاهرة مدينة خاصة للخليفة وخاصته وفرق الجيش المختلفة طبقًا لدراسة أثرية لعالم الآثار الإسلامية الدكتور على أحمد الطايش أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة.




ولفت الدكتور ريحان إلى تعدد الأسمطة (جمع سماط) الرسمية التى كان يحضرها الخليفة الفاطمى بنفسه فكان السماط يمد فى قاعة الذهب بالقصر الشرقى الكبير فى ليالي رمضان وفى العيدين والمولد النبوى وخمسة موالد وهى مولد سيدنا الحسين والسيدة فاطمة والإمام على والحسن والإمام الحاضر بالإضافة إلى "سماط الحزن" في يوم عاشوراء.




فإذا كان اليوم الرابع من شهر رمضان رتب عمل السماط كل ليلة بقاعة الذهب إلى السادس والعشرين منه ويستدعى له قاضى القضاة ليالى الجمع توقيرًا له ويحضر الوزير فيجلس في صدر السماط فإن تأخر كان ولده أو أخوه وإن لم يحضر أحد من قبله كان صاحب الباب.




وينقل الدكتور ريحان عن المؤرخ المقريزي حكايات سماط رمضان بقاعة الذهب " وكان قد تقرر أن يعمل أربعون صينية حلوى وكعك وأطلق برسم مشاهد الضرائح الشريفة لكل مشهد سكر وعسل ولوز ودقيق ويعمل خمسمائة رطل حلوى تفرق على المتصدرين والقرّاء والفقراء.




 ثم يجلس الخليفة في منظرة القصر ويتوافد كبار رجال الدولة ويتلو المقرئون القرآن الكريم ثم يتقدم خطباء الجامع الأنور وجامع الأزهر وجامع الأقمر مشيدين فى خطبتهم بمناقب الخليفة ثم ينشد المنشدون ابتهالات وقصائد عن فضائل الشهر الكريم ".

تعليقات