علاء الدين ظاهر
مولاي إني ببابك قد بسطت يدي.. سبحانك ربي سبحانك..ماشي في نور الله بأدعي وأقول يا رب..هكذا إعتادت أذنك عزيزي القارئ أن تستمع وتستمتع كل عام وخاصة في رمضان بهذه الأدعية التي يصدح بها حتي الأن صوت كروان الإنشاد كما لقبه الجميع..هو الشيخ سيد النقشبندي رحمه الله.
النقشبندي عاش 56 عاما،حيث ولد في7 يناير 1920 وتوفي في 14 فبراير 1976،ويعد من أبرز الذين قرأوا القرآن وأدوا الإنشاد الديني والابتهالات،وكانت له صبغة ولنقل مدرسة ذات طابع خاص ومميز في الابتهالات والإنشاد الديني وأحد البارزين في هذا المجال،حتي أن صوته كا قويا جدا لدرجة أن الموسيقيين رأوا فيه أحد أقوى وأوسع الأصوات مساحة في تاريخ التسجيلات.
وكان إسمه النقشبندي يعني نقش حب الله على القلب،وصوته الساحر بات منذ سنوات طويلة أحد أبرز ملامح شهر رمضان وخاصة إبتهالاته التي يحلو لنا سماعها وخاصة قبل الإفطار والسحور،وكانت الكلمات تخرج منه فمه وكأنها بالفعل نابعة من القلب وإتسم بالصدق في أداء الإبتهالات،مما جعلها محغوظة عن ظهر قلب للسواد الأعظم من المصريين،والذين يتأثرون كثيرا بصوته حتي تدمع عيونهم.
وفي عام 1955 استقر في مدينة طنطا وذاعت شهرته في محافظات مصر و الدول العربية، وسافر الي حلب وحماه ودمشق لإحياء الليالي الدينية بدعوة من الرئيس السوري حافظ الأسد، كما زار معظم الدول العربية والأفريقية والآسيوية، وأدى فريضة الحج خمس مرات خلال زيارته للسعودية،وفي عام 1966 كان النقشبندي بمسجد الإمام الحسين بـ القاهرة والتقى مصادفة بالإذاعي أحمد فراج فسجل معه بعض التسجيلات لبرنامج في رحاب الله.
ثم سجل العديد من الأدعية الدينية لبرنامج "دعاء" الذي كان يذاع يوميا عقب أذان المغرب، كما اشترك في حلقات البرنامج التلفزيوني في نور الأسماء الحسنى وسجل برنامج الباحث عن الحقيقة والذي يحكي قصة الصحابي الجليل سلمان الفارسي، هذا بالإضافة إلى مجموعة من الابتهالات الدينية التي لحنها محمود الشريف وسيد مكاوي وبليغ حمدي وأحمد صدقي وحلمي أمين.
وقد تعاون النقشبندي مع الملحن الراحل بليغ حمدي في 6 ابتهالات،والتي قال عنها النقشبندي في حديث مع الإذاعي وجدي الحكيم"لو مكنتش سجلتهم مكنش بقالي تاريخ بعد رحيلي"،ومنها "مولاي إني ببابك"،حيث التقيا للمرة الأولي في خطبة ابنة الرئيس السادات،الذي كان يحرص على وجود إنشاد ديني في الحفلات التي يحضرها،وكان النقشبندي ضيفًا في الحفل وأثناء قيام الأخير بتحية السادات،أشار السادات لوجدي الحكيم وبليغ حمدي، قائلًا "افتحوا الإذاعة أنا عايز أسمع النقشبندي مع بليغ".
وبعد أيام حضر النقشبندي لمبنى الإذاعة برفقة الحكيم، وظل النقشبندي يردد: "على آخر الزمن يا وجدي، يلحن لي بليغ"، معتقدًا أن بليغ سيصنع له لحنًا راقصًا ولن يتناسب مع جلال الكلمات التي ينطق بها في الأدعية والابتهالات، وحاول الإعلامي الكبير تهدئته، إلا إنه كان لا يشعر بجدوى ما يحدث، وفكر في الاعتذار، حتى اتفق مع الحكيم على الاستماع لبليغ وإذا لم يُعجب باللحن الذي سيصنعه، سيرفض الاستمرار. يقول وجدي الحكيم إن الشيخ النقشبندي ظل طيلة الوقت ممتعضًا، وبعد نصف ساعة من جلوسه مع بليغ في الاستوديو، دخل الحكيم ليجد الشيخ يصفق قائلا: "بليغ ده عفريت من الجن"
وقد بلغ الشيخ الراحل من الإيثار درجة أنه عندما توفي لم يكن في جيبه إلا 3 جنيهات،حيث كان ينفق كل ما يأتيه على الفقراء،وكان يقول دائما:"الله أكرمنا كي نكرم خلقه"،وبعد وفاته كرمه رئيس مصر الراحل محمد أنور السادات عام 1979م بمنحه وسام الدولة من الدرجة الأولى،كما كرمه الرئيس المصري السابق مبارك في الاحتفال بليلة القدر عام 1989م بمنحه وسام الجمهورية من الدرجة الأولى.
تعليقات
إرسال تعليق