علاء الدين ظاهر
كشف عادل المصري الباحث الأثري حكاية تحفة معمارية تعبر عن عظمة وجمال العمارة المدنية المملوكية فى مصر، حيث تخفي المنازل والمنشآت الأثرية والتاريخية وراءها قصص وحكايات لا تنتهي،ومنها منزل زينب خاتون خلف الجامع الأزهر وسط منطقة تزخر بالعديد من الآثار الإسلامية.
وقال لبوابة صور دوت كوم أنه مثال رائع على الإبداع الفنى والمعمارى فى تخطيط المنازل فى العصر المملوكى،وأكثر من خمسمائة عام مروا على تاريخ ومكان هذا المنزل الذى يرجع أصله إلى القرن الثامن الهجرى، وينسب إلى الأميرة خوند شقرا بنت السلطان الناصر حسن بن قلاوون، ثم آلت ملكيته فى القرن التاسع الهجرى إلى مثقال السودونى رئيس نوبة السقاة فى البلاط السلطانى الذى اشتراه وجدده وزاد فى عمارته .
ثم غضب عليه السلطان الأشرف قايتباى ونفاه إلى الكرك واستولى على أملاكه عام 889 هجريا وكان من بينها هذا المنزل، ثم آلت ملكيته فى العصر العثمانى إلى أحد كبار التجار ويدعى الحاج عبد العزيز الذى جدد فى عمارته وأضاف إليها العديد من التعديلات،ومن بعده آلت ملكيته إلى الأميرة زينب خاتون الذى عرف المنزل باسمها منذ القرن الثالث عشر هجريا
ويجمع المنزل بين الخصائص الفنية والمعمارية المملوكية وبعض الخصائص العثمانية،وندخل للمنزل من مدخل منخفض خلفه ممر منكسر كعادة العمارة الإسلامية لتجنب رؤية المارة أو الضيوف لما يوجد داخل المنزل ويؤدى الممر إلى الصحن الذى يتوسط المنزل وهو صحن مكشوف ، أما المنزل فيتكون من ثلاث طوابق ، الطابق الأرضى ، ويشمل مكان للطاحونة ومطبخ ومزيرة لحفظ المياه و حويصلات لتخزين الغلال والمؤن .
وهذا البيت قد استخدم كمستشفى سرية ودار لتضميد الجرحى وإسعاف المصابين فى عهد زينب خاتون وقت الحملة الفرنسية على مصر،حيث ضربت وقتها خاتون المثل كسيدة وطنية أصيلة تحب مصر وتقاوم أعداءها، وتساند وتأوى عندها رجال المقاومة الشعبية ضد الفرنسيين بكل ما تملك للتخلص من هذا الاحتلال الغاشم وجنوده وقادته.
والذين استباحوا الجامع الأزهر بخيولهم وعاثوا فيه فسادا على بعد خطوات من منزل زينب خاتون الذى يقع خلفه ، فقد عثر رجال الآثار بالطابق الأرضى داخل أحدى الغرف الصغيرة أسفل المقعد الصيفى على سرداب يضم 27 جثة لرجال المقاومة الشعبية ضد الفرنسين الذين استشهدوا متأثرين بجراحهم فأكرمتهم خاتون بدفنهم فى منزلها وهذا دليل على دورها النضالى الكبير فى ذاك الوقت.
أما المقعد الصيفى (السلاملك ) الخاص بالرجال فى
الطابق الثانى فنصعد إليه من خلال سلم فى الضلع الجنوبى للصحن ويشرف على الصحن ببائكة ذات عقدين يتوسطهما عمود رخامى وبه دواليب خشبية لحفظ أغراض أصحاب المنزل وباب يؤدى إلى خزانة نومية أعلى جدرانها شريط كتابى يتوسطه رنك الكأس وهو الشارة الرسمية لوظيفة الساقى ، وهذا يدلل على صحة أن مثقال السودونى كان من ملاك هذا المنزل.
واهتمت لجنة حفظ الآثار العربية بهذا المنزل كمنزل أثرى وبدأت بعمل العديد من الترميمات والاصلاحات فيه منذ عام 1882،وحتى عام 1942 حيث استئجره الجنرال البريطانى "دوين " وأضاف له فسقية صغيرة وسط الصحن.
وبعده تم استغلال المنزل كمشغل لتعليم الفتيات فن التطريز والحياكة من قبل وزارة الشئون الاجتماعية بعد ثورة يوليو بعد أن تم دهان واجهته الغربية وظل على هذا الحال حتى ساءت حالته فى الثمانينات من القرن الماضى حيث تم البدء فى ترميمه من جديد.
وفى نهاية الثمانينات وأثناء تنفيذ مشروع ترميم للمنزل و بينما أحد العمال يعيد تشكيل وتهذيب الأحجار فى أحد جدران المنزل عثر على جرة فخارية من العملات الذهبية تقدر بألف دينار يرجع تاريخ ضربها وسكها إلى العهد المملوكى عهد السلطان قايتباى أحد ملاك المنزل.
وبالبحث فى نفس المكان تم العثور على جرة أخرى من الفخار فى باطن الجدار بها عملات ذهبية أوربية تم سكها فى إيطاليا والبرتغال وترجع للعصر العثمانى وربما كانت خبيئة تخص الحاج عبد العزيز التاجر أحد ملاك المنزل فى العصر العثمانى قبل زينب خاتون ليرتفع عدد العملات الذهبية إلى حوالى 3611 قطعة ذهبية وهى الآن محفوظة بمتحف الفن الإسلامى بباب الخلق تحت اسم كنز أو خبيئة منزل زينب خاتون
تعليقات
إرسال تعليق